قصائد من كتاب «نزهة في حديقة الشعر البلغاري»

الترجمة من البلغارية إلى الكردية: خورشيد عليوي-
ومن الكردية إلى العربية: إبراهيم محمود
نيكولا فابتساروف ” 1909-1942 “
وداع
أحياناً سآتي إلى حلمك ِ
مثل ضيف من بعيد لم يخطر في البال
لا تدعيني خارجاً
لا توصدي الباب
سأدخل في صمت
وسأجلس قبالتك
وسأنظر إليك في عتمة الليل
وعندما أشبع من رؤيتك
سأقبّلك وأنصرف ” ص 12 “
مع الصديق المترجم ورفيقة دربه في كافتيريا بشارع ” نوهدرا ” بدهوك، صباحاً
إليزافيتا باغريانا ” 1893-1991 “
مطر
صامتون نحن، مثل ذلك العشاء الأخير
السهم يركض، الزمن يمضي
ماذا قلت لي؟ الشفتان ترتعشان
سمعت بصعوبة: لكم أحبُّك..
استيقظت من النوم، كما لو أنني نمتُ قرناً
كانت المسافة بيننا تزداد اتساعاً
أي لزوم لانفصالنا عن بعضنا بعضاً؟
لم أعلم شيئاً ولا حتى استوعبته
أنا الآن جالسة أمرر كل شيء أمام النظر
في الخارج يهطل المطر
طي اصفرار الخريف
أراني وحدي دون موطن
ضائعة في هذه المدينة الكبيرة
ما وقع لن يعود ثانية
يشعر قلبي بالذنب
سوى أنني كنت سأحتضنك
 بجنون وحميمية
كنت سأحتضنك
لو سنحت فرصة أخرى
وكنت معك ” ص 21 “
فاليري بيتروف ” 1920-2014  “
الوداع الكبير
يا أمل! كفى! توقف عن الكذب علي
أصدقك بصعوبة أيضاً، إنما ها أنت
مرة أخرى..
كم مرة تحركت أشعتك وسط هذه الأيام المعتمة
وبعيداً؟ بعد برهة، عتمتي
تحضنني، وتعصر صدري العجوز كاملاً
العتمة نفسها، إنما أخطر من السابقة مرتين
ومجدداً أنت تومض
بالرغم من أنها حتى النهاية ستكون هكذا كذلك
لا حيلة لي، دون شعاعك الخاص بانعدام أملي
لم تقدِر
دوبري جوتيف ” 1923-…؟ “
الأغنية البسيطة
قولي للهواء
متى
أين
وكيف يتحرك
ولا يصبح هواء
قولي للشمس
متى
أين
وكيف تشرق
ولا تصبح شمساً
قولي للحب
متى
أين
وكيف يحب
ولا يصبح حباً ” ص 49 “
***
قطْع الطريق
كنت أداعبك وأنا أعلم
أنك ستكونين لي
خطفتك، وقد آلمك ذلك
سوى أنني عرفت أنك ستكونين لي
وفي الحالتين كنت تضحكين
تجيزين في كل شيء
كنت أستطيع قتلَك
بحجة
أنك كنت تتمنين ذلك ” ص 51 “
أتاناس دالجيف ” 1958 …”
حسنٌ، لماذا علي أن أحزن عندما أرحل ؟
لا صديق لي هنا ولا حتى صاحب
ألازم الحائط وأنا رافع قبعتي للهواء
ذلك الهواء الذي يصبح إعصاراً
ويجتث العالم
ويمضي به بعيداً ” ص 68 “
***
كتاب
مفتوح أمامي ليل نهار
دائماً وحدي أكون
لا إنساناً أعرفه
ولا حتى العالم
الطيور تحط وتطير
الأيام تأتي وتمضي:
أنا تعبُ، أمضي
أيامي مثل صفحات الكتاب
لسنوات، في غربة
تقرأ حياة شخص غريب
وحياتك المعدومة المعنى
تمضي في صمت وفي خواء
دون أن يعلم بها أحد
أبداً لم تبلغني!
آه، يا نداء الحب
ومن أجل الكتب كذلك
قد ضيَّعتُ العالم والحياة ” ص 71 “
ديمجا دِبيليانوف ” 1887-1916 “
لم يكن لي شيء، كان لي، ولم يعد لي ثانية
العقل، المال، الحب والصيت
لا أحد يعلم
إلى متى وكم سيكون !
كل شيء كذل.
وحده فاعل الخير غنيّ
جئت عارياً إلى الدنيا
وعارياً سأخرج منها ” ص 80 “
إيفان زدرافكوف ” 1941 …”
ابن السماء
لماذا لا ينام ابن السماء؟
لماذا هو صامت ؟
لماذا يطوف في حدائق السموات ؟
دمع ابن السموات نور
حزن ابن السموات خضرة
حلوة روح الابن السماوي
الجميع ينامون
الملائكة جميعاً في السلام السماوي
يستغرقون في النوم
لماذا لا ينام ملاكي التعِبُ ؟ ” ص 114 “
أدريانا زاريفا
 انظرْ إلى النجم الطويل
تعالي إلي في درب مع القمر
مع شلال نجمي من النور
وبغمّك الخفيفة لا تعكّر صفو الليل الناعس
تعال! أنتظرك طيبت نفسي في دمع من ندى صباح
وأبقي معبراً  للأشياء العجيبة
الطريق الناعم الشارد في ليل برّي
اجعلني تراباً، الجسد والروح
لنصبح غبار النجم
وليكن هذا الليل لنا وحدنا
بدلاً من الذنوب على الطريق
أنت تضحك، أهو حلم ؟
انظر إلى هذه السماء الجميلة
أأبصرت داخلك كيف تنسكب النجوم؟
تراك تمنيت شيئاً في سرّك ؟ ” ص 135 “
ملاحظة من المترجم: نزهة في حديقة الشعر البلغاري، ترجمة خورشيد عليوي، منشورات دار الزمان، 2024، في 150 صفحة، من القطع الوسط. كتاب جميل في مختاراته الشعرية، بذائقة جميلة جهة الترجمة إلى الكردية، من قبل الصديق المترجم وعن البلغارية، كما تقدم، والذي أهداني إياه ” اليوم ” : الخميس: 7-3/ 2024، في زيارة خاطفة له مع رفيقة دربه في الحياة، قادمين من سويسرا، حيث التقينا في دهوك، وحين عدت به إلى البيت، وتصفحته، راقت لي قراءته، وشدتني نصوصه المختارة. فكان الذي أقبلت على ترجمته، تعبيراً عن تقديري لجهد الصديق خورشيد، والتأكيد من خلال الترجمة، على أن الجميل شعراً أو نثراً في محتواه يستطيع التكلم بكل اللغات .. فكان ما كان.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…

صدر مؤخرًا عن دار نشر شلير – Weşanên Şilêr في روجافاي كردستان، الترجمة الكردية لرواية الكاتبة بيان سلمان «تلك الغيمة الساكنة»، بعنوان «Ew Ewrê Rawestiyayî»، بترجمة كلٍّ من الشاعر محمود بادلي والآنسة بيريفان عيسى.

الرواية التي تستند إلى تجربة شخصية عميقة، توثّق واحدة من أكثر المآسي الإنسانية إيلامًا في تاريخ كردستان العراق، وهي الهجرة المليونية القسرية…

حاوره: ابراهيم اليوسف

تعرّفتُ على يوسف جلبي أولًا من خلال صدى بعيد لأغنيته التي كانت تتردد. من خلال ظلال المأساة التي ظلّ كثيرون يتحاشون ذكرها، إذ طالما اكتنفها تضليلٌ كثيف نسجه رجالات وأعوان المكتب الثاني الذي كان يقوده المجرم حكمت ميني تحت إشراف معلمه المجرم المعلم عبدالحميد السراج حتى بدا الحديث عنها ضرباً من المجازفة. ومع…

مروى بريم

تعودُ علاقتي بها إلى سنوات طويلة، جَمَعتنا ببعض الثَّانوية العامة في صفّها الأول، ثمَّ وطَّدَت شعبة الأدبي صحبتنا، وامتَدَّت دون انقطاع حتى تاريخه.

أمس، انتابني حنينٌ شبيهٌ بالذي تقرّحت به حنجرة فيروز دون أن تدري لمن يكون، فوقه اختياري على صديقتي وقررتُ زيارتها.

مررتُ عن عمَدٍ بالصّرح الحجري العملاق الذي احتضن شرارات الصِّبا وشغبنا…