يزن حدادين
لا أذكُرُ رَحمَ أُمّي جيِّداً ..
فقد أَمضَيتُ مُعظَمَ الوَقتِ هُناكَ .. بل كُلَّ الوَقتِ .. وأنا مُغمَضُ العَينَين ..
لكن ما أذكُرُه جيِّداً هو الصَّوت الرّوتينيّ المُتَناغِم الذي أَرَقَّ مَسامِعي طَوالَ فَترة عُزلَتي داخِلَ أَحشائِها ..
تسعةُ شُهورٍ هناكَ كانت كَفيلةً لتَرويضِ قَلبي على الخَفَقان سويّاً مع ذاكَ الصَّوت …
وما أَن ارتَأَت أُمِّي أَنّي جاهِزٌ لمُجابَهة الجَحيم وتَرك النَّعيم .. حرَّرَتني باكِيَةً ..
كانُوا يعتَقِدون أنّها تَبكي مِن الأَلَم .. وأَنّي أَبكي مِن لَسعَةِ الهواءِ الباردِ ..
فقط كِلانا كُنّا نَعلَمُ أَنَّ دُموعَنا ذُرِفَت مِن الفُراق .. فُراق جَسَدَينا عن بَعضِهِما البَعض ..
حرَّرَتني بنِصفِ روحٍ .. وأَهدَتني نِصفَ روحِها لأَكتَمِل ..
وحتَّى هذه اللَّحظة ..
أَنبُضُ نَبضَها ..
وتَنبضُ نَبضي ..
طوبى لكِ يا أُمّي .. يا أيَّتُها الأَرضُ السَّرمَديَّة ..
من رَحمِكِ جِئتُ .. وإلى رَحمِكِ سأَعود ..