حلبجة الجريحة

عصمت شاهين الدوسكي

هلموا اسمعوا هذا الخبر
نبأ اليوم قد تجلى حضر
من قريب أعلن على الملأ
إن الموت على حلبجة ظهر
رموا في الهواء داء
سم يسري بين البشر
نذورا أرست على الأرجاء
جثث بين الديار تذكر
حلبجة بين الجبال والوديان
ومرابع السهل الأخضر
أسرى الكرى العميق
في نفوس بالأمن تبحر
البلابل والعصافير تشدو
من طيبة الأرواح تسر
والقبج من علاه
بين الصخور لزاد ينتظر
النسيم يداعب الأجساد
كأن النسيم بنسمه يحذر
ونسوة أمام التنور
العجين والنار خبز يتخمر
إحداهن نشرت الملابس
نزلت من الملابس قطر
من نوم داج صار
في الهواء مخبر
دخان من كره  نزل
أخذ بالجمع كل عمر
بين شهيق وزفير
ماتت القلوب لم تظفر
أجساد هامدة في كل ركن
كأنها جذوع شجر
فمن يدرء عنكم السم
من سماء الجيرة همر
لا طفل رضيع نجا
لا امرأة تنوح من عسر
لا شيخ يتوظأ
من جريان ماء النهر
حلبجة صراخك صمت
وقالوا بين هذا وذاك قدر
…………
ذكر بان علنا لا خفيا
لم يخف على أزاد ولا زكريا
جار رمى الديار بموت
كان جبارا شقيا
تعمد بالحقد الكبير
ولاؤه للطاغوت وليا
هب بلا رأفة ولا رحمة
نشر الموت لنفسه رضيا
حلبجة  موتك صدى
سماه الأجل لم يكن سميا
كبر الطاغوت في لجة
بلغ الرؤى وكان عتيا
هان على الإنسان القتل
أما العرب أو العجم سويا
مرت الأعوام مكدرة
خفي الأمر بين فجر وعشيا
من يلبس ملابس التقوى ..؟
من كان منكم تقيا ..؟
من كان يرسل السم
في فضاء واسع عليا ..؟
من قاد الحشود في الهواء
وقتل من كان حيا ..؟
هان عليه الإنسان
وقد خلقه الله زكيا
يبغ على الأرض خرابا
حتى صار بين العالم بغيا
أخيرا أعلن عالي المقام
إن براءة العرب رؤيا
وطاق من عمق الجيرة
اسروا الأمر مليا
حلبجة ليست ذكرى
ولم تكن نسيا منسيا 
…………
هذا بيان الحق سبيلا 
منها مضى منها أصيلا 
كأن الملك باق خالدا 
ما قدروه يوما قليلا 
بغت نفوسهم نشروا 
العلقم على الناس تنزيلا 
لم يكن لهم راد 
بل كان على الأرض خليلا 
فدنت الأنانية حلا 
ما الحل إلا كان خذولا 
كفى كذبا ، كفى ظلما 
ترتلون الفساد ترتيلا 
ما كان لفرعون أن علا 
ما كان لهامان وكيلا 
وضل قارون للأنعام 
قبضة حتى صار عليلا 
ما بالكم تعثون فسادا 
أم رأيتم الجهل بديلا 
صروحكم ستهوى 
كما هوت من قبل سيلا 
ترجع أجسادكم طينا 
من غر هيئتها الأولى 
الأرض ليست ملك لأحد
بل وسيلة خير وسيلا 
كلنا راحلون غدا 
فمن استعلى يغدو هزيلا 
حلبجة الجريحة ما زالت 
تنزف دما بعد قال وقيلا 
تظهر الأسرار بعد زمن 
فلا يبقى حمل ثقيلا 
يعود الحق إلى أهله 
مهما كان الظلم ظليلا 
لعل يكون القادم أفضل 
بغرة الجمال جميلا
————-  
حلبجة  :  ( بالكردية: هەڵەبجە، Helebce‏ )  هي مدينة في إقليم كردستان العراق تقع على بعد حوالي 240 كم شمال شرق بغداد و 14 كم من الحدود الإيرانية. تقع المدينة عند سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد على الحدود الإيرانية العراقية. يحدها من الغرب نهر سيروان، ومن الشمال الشرقي سلاسل هورامان وشنروه، ومن الجنوب سلسلة بالامبو. 
الهجوم الكيمائي على تعرضت حلبجة، هجوما بالأسلحة الكيميائية ضد الأكراد في 16 مارس 1988 الكردية في كردستان العراق خلال الأيام الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية . …حلبجة 
واحتار العالم من ضربها بالكيمياوي العراق أم إيران ..؟ 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…