المثلث المائي

إبراهيم محمود

النبع الذي تنظر إليه
هو روحك التي تتدفق 
روحك النابضة بسندس الحياة وزبرجدها
بمقدار امتلائك بالحياة
عندما ” تصافح ” روحُك النبعَ
ستشرق من الداخل
ويصبح النبعُ داخلك
النهر الذي تنظر إليه
يحفر مجراه بسرعات متباينة
هو إرادتك من لحم ودم في سرَيان نكهتها
إرادتك التي تحمل بصمة منك
وتنعطف عليك
بمقدار ما تنتسب إرادتك إليك
لا شيء يحجزك وراءه
عندما تعيش جريان النهر
تجري أنت نهرياً في الحياة
البحر الذي يتميز بهيبته
هو عمرك المحمول بسنينه
كل ما فيه يشير إليك 
عمقاً وسعة وثراء عالم
بمقدار ما تنسكن بالبحر
يتراءى العالم في كامل جسدك
في اللحظة التي تشعر بالبحر يتنفس داخلك
تصبحَ البحر نفسه وأنت تفيض على جهاتك
أن تكون نبعاً
تردُك الخلائقُ
متعة لا نظير لها
أفضل بكثير من أن تكون عبئاً على سواك
لكل منا نبعه
في لحظة يكتشفه
وفي لحظة يفقده إلى الأبد إذا أغفل هذه العلاقة
ما الحديث عن نبع الحنان، المحبة، العطاء.. إلا التذكير المباشر بذلك النبع
قل لي أي نبع تكون أقل لك من أنت
هوذا النهر الذي يرمقك
نهر يمثُل أمامك
ينبهك إلى أنه يعنيك في الصميم
لا كائن دون إرادة
في كل إرادة ثمة نهر يجسّد قوة الإرادة
في قوة مائه وتدفقها والمسافات التي يقطعها
الإرادة لها ساعتها كما النهر الذي ما أن يتوقف حتى يفقد اسمه
تلك هي الحياة التي تسمّيك بحضور نهرك المتوقف عليك
قل لي أي نهر أصبحت أقل لك أي كائن غدوت
ثالثة الأثافي يمتد البحر
بحري، بحرك، بحره، بحرها، بحرنا معاً..
في البحر يسمَى حصاد العمر، زخمه
رهبة البحر، هيبته، بساطته، هي رصيدك الحياتي
العمر مترجم إلى البحر، وللبحر شهادته في إقرار حقيقة ما كنتَه
أن تكون بحراً، هو المثال الأعلى لك لتلفت إليك الأنظار
أن تكون بحراً هو أنك أصبحت مركز اهتمام المحيطين بك
لا شيء يحول دون صيرورتك بحراً إن حاولت
قل لي أي بحر أنت أقل لك أي مأثرة حصَّلت  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…