حوار مع القاصة السورية وزنة حامد

حسين أحمد

1 وزنة حامد: كاتبة قصة قصيرة بامتياز ظهرت كتاباتها وقصصها في المشهد الثقافي الكردي والعربي على حد سواء . فماذا تريد أن تقول للآخر, ولماذا اختارت الأسلوب الواقعي في الكتابة القصصية بعيداً عن أشكال أخرى  ؟؟

ج – بداية أشكرك كثيراً أخي المحترم: حسين أحمد على استضافتك لي لإجراء هذا الحوار المقتضب… فبالنسبة للشكل التعبيري- الواقعي- لدي فوزنة تركض إلى الكتابة هاربة من القبح والسفاهة الموجودتين في حياتنا , إذ أنها تكتنز في أعماقها كدرات الإنسان الشرقي بجل تعقيداته, وتناقضاته, وتسعى دائماً إلى الكشف عن خبايا المجتمع وتعريته وبالتالي معالجته بطريقة أو بأخرى, من هنا اكتب واتعب وأجهد لأقدم رسالتي الإنسانية “المقدسة” التي أؤمن بها وهي كتابة القصة , والقصة القصيرة جداً الموسومة بـ (ق . ق.ج).
  2 أين تكمن فرادة القاص أو القاصة  ..؟؟

ج – عندما يبحث القارئ عن النص , وعندما يطرح القارئ هذا النص على المشهد , وعندما يكتب عن هذا النص في الإعلام وبطريقة عقلانية , بإمكاننا القول عن كاتب النص انه صاحب بصمة أو خصوصية سواء كانت قصة أو رواية أو شعرا.

3 رغم إن وزنة حامد تكتب بواقعية مطلقة ألا إنها في بعض الأحيان نجدها تلتجئ إلى أدوات أخرى في الكتابة ..؟؟؟ ما سبب هذه الإمالة يا وزنة حامد ؟

ج- عندما اهرب من ذاتي التجئ إلى السرد , وعندما اهرب من السرد التجئ إلى ذاتي , وذاتي كله مليئ بالسرد لذلك لا اعتقد إنني هاربة من السرد, بالنسبة للكاتب فالكاتب الحقيقي هو في حالة سرد دائماً الم يكن نجيب محفوظ في حالة سرد بصورة دائمة وكذلك هو حنا مينة , وزكريا تامر , وسليم بركات والروائي الليبي إبراهيم الكوني وآخرون.

 4 لمن تقرأ وزنة حامد أكثر اعني هنا القاصات العربيات .؟؟

ج – أجل هناك الكثيرات ممن تستحقن القراءة والاستماع وتستحقن أيضا لقب مبدعة: أحلام مستغانمي, ليلى عثمان, غادة السمان, نوال السعداوي. كوليت خوري, والروائية الفلسطينية حنان الشيخ

 5 لماذا الرواية تصنف وليدة المدينة وهل هي نتاج صخبها وتقلبات حياتها الاجتماعية والاقتصادية وووو…؟؟

ج -:  في اعتقادي أن القصة والرواية هما وليدتا “المدينة” وصخبها, والرواية تدخل في كل تفاصيل ودقائق وتشعبات حياة الإنسان بكل تناقضاته .

 6 أين تكمن حدود الفصل والوصل بين القصة والرواية  ..؟؟

ج – لكل قصة وظيفتها المرجوة فالقصة الطويلة لها وظيفتها بما يتناسب مع مستوى أحداثها , وكذلك فالقصة القصيرة لها دورها في طرح مواضيع لا تتطلب الاسترسال والتماهي في سرد الأحداث فالصورة الخاطفة تخدم الموضوع أكثر في (الأقصوصة).
أما الرواية فهي تعالج تاريخاً وشخصيات كثيرة بالإضافة إلى موضوعات كثيرة, لذلك فهناك مسافة فاصلة كما تقول فيما بين القصة والرواية …

7 ما رأيك في هذا الكلام بان هدف كل قاص أن يكون “نمام” زمانه..؟

ج – هذا كلام تقليدي لان التلفزيون صار حكواتياً بامتياز ليس في المقهى وإنما في كل البيوت, لذلك هدف الكاتب أن يكون لديه مشروعاً في طرحه سواء كان فكرياً أواجتماعياً الخ 

8هل هناك قارئ بالمعنى الحقيقي لما يكتب وينشر يا وزنة حامد.؟؟

ج – ليس كل ما يكتب وينشر هو جدير بالقراءة فالنص الجيد لها قارئها الجيد والنص الرديء مصيره في سلة النسيان.

9 اللغة التي تبدو إلى حد ما إنشائية ومباشرة عند القاصة وزنة حامد ما المقصود من ذلك هل هي التجريبية بحد ذاتها ام ماذا ..؟؟

ج – في العمل الأدبي سواء كان شعراً أو نثراً يجب توفر الشرطين معاً فاللغة وحدها لا تصنع أدبا والحدث بدون اللغة المناسبة يبقى حدثا عاديا لا يرتقي إلى مستوى الإبداع الأدبي إلا باستخدام اللغة جيدا , وفي الأخير أنا أحاول أن أكون بسيطة في الكتابة ومجربة كما هو أكثر الكتاب العالميين, مثال على ذلك  الكاتب المغربي محمد شكري وخاصة في روايته “الخبز الحافي” والكاتب السعودي عبد الرحمن منيف في روايته “الشرق المتوسط”

9- ما رأيك في قول القاصة الأردنية سناء الشعلان بان (النقد هو حالة تلقي راقية، يصحّ أن نسمّيها بالتلقي المبدع ..؟؟ ام انت مختلفة مع هذا الرأي ماذا تقولين …؟

ج – أنا مقتنعة جداً بأن النقد والأدب كلاهما يكملان بعضهم البعض ويساويان في المعادلة الأدبية, لذلك فالنقد الجيد يعطي جمالية إضافية للنص, والنص بالنقد الجيد يصل إلى القارئ تماماً, من هنا فأن مجموعتي القصصية المتواضعة ” تداعيات من الذاكرة ” والتي تناولها الكثيرون بكتاباتهم النقدية و قد كشفوا الكثير من الزوايا الإيجابية و السلبية كـ : (الكاتب والناقد المغربي محمد الكلاف, والباحث خالص مسور, و زاكروس عثمان , و داريوس داري, و صباح قاسم, و رئيس تحرير مجلة “vin” الأستاذ هيبت معمو …..). وآخرون وأنا ممتنة لهم جميعاً لأن رؤيتهم النقدية للمجموعة و قراءتهم الأدبية الهادفة لها , قد أفادتني كثيراً لأنني ومن المؤكد سوف آخذ آرائهم بجدية في تطوير أعمالي ونتاجاتي في القادم من الأيام بإذن الله.

11 ماذا تريدين من القصة التي نقرأها اليوم.؟؟؟

ج – أن تصبح القصة العربية عالمية هذا هو السؤال المطلوب من القصة العربية في أن تطرحها على نفسها.

12هل استطاعت وزنة حامد ان تعبر عن بيئتها “الحسكاوية” وعن مكنوناتها عبر الكتابة وهل استطاعت فعلا إيصال رسالتها إلى الآخر.  

ج – إنني امثل بيئتي “الحسكاوية” بامتياز، فانا أتفاعل معها وخاصة مع الوجوه والتراكمات الاجتماعية والطبقية بوعي وإدراك تامين، هذا من جهة ، كما إنني اكتب بأسلوب صارخ ونزق ، لأنني احمل هم ومعانات راهني الاجتماعي , الذي أعيش فيه ، و من جانب آخر فقصصي واقعية بدرجة عالية, ولذلك تلعب دوراً كبيراً، وهو دور الفضح, والكشف, والتعرية لكل ما هو سلبي وغير ايجابي داخل راهننا الذي هو جزء من راهن الشرق العربي ككل.
 
13  هل في المستقبل ستقضي النص الانثوي الذي يطرح نفسه اليوم على النص الذكوري وكيف ستكون صورة الحداثة في القدم من الايام ..

ج – هذا السؤال كبير..؟؟!! فانا افهم الحداثة ليس من هذا المنظور وإنما من بوابة المتحول والمتغير والجدير بالاستمرار أنثويا وذكوريا على حد سواء فالحداثة تنتصر على التقليد والقديم وهي مازالت إشكالية العصر على الرغم من إننا دخلنا عصر ما بعد الحداثة.

14 كيف تعالج وزنة حامد  قضية المرأة في قصصها بعيدا عن ذاتها الأنثوية وهل استطاعت ان تنصفها ام لا ..

ج – الكتابة تحرر كل شيء وتحطم كل الاغلال, لذلك فانا أحرر الرجل وأحرر المرأة واللغة كما أحرر ذاتي فالكتابة الحقيقية هي تحرير للإنسان أينما وجد وكيفما كان, والصورة الواقعية هي جزء من الكشف والتحرير لوجودية الإنسان فهل حققت ذلك هذا ما أنا ابحث عنه أيضا.   

15 إلى أي درجة وزنة حامد مرتبطة كقاصة بالمكان وإلى أي حد يكون هذا المكان بارزاً في كتاباتها..؟

 ج –  ارتباطي بالمكان كارتباط الجسد بالروح, لذلك  إنني اکتب لذاتي أولا لأنني أجد فيها کل ما هو إنساني ونبيل من حب وعشق مصلوب وفي ضفة أخرى من ضياع ومتاهة‌ في عالم ظالم, فانا أجوع مع حرمان الآخرين, الذي أرى ذاتي فيهم, وأنا اعطش مع ظمأ بيئتي الاجتماعية التي أنا جزء كبير منها, وما تكتنز حاراتنا الشعبية القديمة من تفاعلات, وتأملات عميقة في نهري “خابور, وجقجق ودجلة”. كما إنني انزف مع جراحات هؤلاء الذين أتناولهم من خلال حكاياتي وقصصي, ومدينتي “الحسكة” ككل, وتحديداً ريفها البسيط والجميل الذي يحمل عادات وتقاليد عريقة كل هذا يعنيني تماماً فنحن توائم هذا الألم المقدس الذي يعيشه الإنسان الشرقي.. أما لمن ندون..!! فبالتأكيد لكل هؤلاء الذين لا مكان لهم في هذا العالم المليء بالغرائب والعجائب وقد يكون هو نفسه بحاجة إلى ترتيب ذاته من جديد واعتقد أن كاتب القصة يحاول أن يكون هذا الترتيب دائماً جميلاً وقابلاً للحياة باستمرار وحيوية.

16هل وزنة حامد راضية عما تكتب وتنشر .

ج –  لم أصل إلى المستوى التي أكون فيها راضية عما حققت, فانا مازلت في بداية مشواري الكتابي, ومازلت ابحث أيضا عن أدوات جديدة في الكتابة وعليّ الاستمرار في البحث والتساؤل.

17 في الحوار الذي أجراه معك الأستاذ موسى توأمة قبل فترة وجيزة قلت بالحرف الواحد : نشكل ضمير المجتمع التحتي.. صوته.. صوت البشر المهمشين، الذين ينتجون الخيرات المادية للمجتمع، نكتب لذاك الطفل الذي مازال يحلم بشراء صندل ….. هل هذا يعني انك تصنفين نفسك بكاتبة المهمشين, وهل استطعت فعلاً أن تكوني صرختهم الحقيقية التي يجب أن تصل وتعلو الى برازخ السماء ..؟

ج – أنا كاتبة المهمشين ابحث عنهم في كل زوايا والأزقة المهملة التي تحصل فيها “الهتك المجون” فهل استطعت أن أوصل صوتهم إلى أجراس السماء هذا ما سيكتشفه الآخر الذي سيقرأ نصوصي في القادم من الأيام.

18في نهاية هذا الحوار كيف تقيمين تجربتك القصصية بشكل عام وهل هناك جديد بعد مجموعتك الأخيرة “صفير القطار

 ج –  لا أريد أن أقيم ذاتي ككاتبة فالقارئ هو معني بهذا التقييم بالدرجة الأولى , أما عن الشق الثاني من السؤال فجديدي هو مجموعتي “الرابعة”  الذي أحضر له الآن وهو بعنوان “السجينة ”  وأتمنى أن يلقى الاكتراث والرؤية النقدية التي لقاهما “تداعيات من الذاكرة و صفير القطار” وتترك أثراً بالغاً في نفوس القراء بحيث أتمكن من خلالها التقرب إليهم وملامسة أحاسيسهم ومشاعرهم , وتجد لها أيضا مكانة متميزة في المكتبة العربية, إلى جانب روايتي التي انتهيت من كتابتها قبل مدة وجيزة وهي بعنوان (الإنسان داخل الإنسان). والتي شاركت بها في مسابقة الوراق الأردنية…… في الأخير باقة من ورود الياسمين والبنفسج أمنحها لك أخي الكاتب “حسين احمد” على أسئلتك القيمة والشيقة والطويلة وأشكرك جداً.

الحسكة  14 / 9 / 2009

                       

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

 

رجع “أبو شفان” إلى البيت في ساعةٍ متأخرة، يجرّ خطواته كما لو كانت أثقل من جسده المنهك. وجهه مكفهر، ملامحه كانت كمن ذاق مرارة أعوام دفعةً واحدة. ما إن فتح باب الدار، حتى لمح ابنه البكر “مصطفى” جالسًا في العتمة، ينتظره كأنه ينتظر مصيرًا لم يأتِ بعد.

– “أهلاً أبي… تأخرتَ الليلة”.

– “كنتُ في مشوار…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

مَدرسةُ فرانكفورت ( 1923 _ 1970 ) هِيَ مَدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفةِ النَّقْدية ، مُرتبطة بمعهدِ الأبحاثِ الاجتماعية في جامعة غوتة في مَدينة فرانكفورت الألمانية ، ضَمَّتْ المُفكِّرين والأكاديميين والمُنشقين السِّياسيين غَير المُتَّفقين معَ الأنظمة الاقتصادية الاجتماعية المُعَاصِرَة ( الرأسماليَّة ، الفاشيَّة ، الشُّيوعيَّة ) في ثلاثينيات القرن…

عبدالاله اليوسف

 

لكن الهواءَ يحفظُ صوتكَ في الشقوق

بين تنهيدةٍ

ونَفَسٍ لم يُكمِلِ الطريق

 

قلبُكَ

ساعةٌ لا تُعيرُ الوقتَ اهتمامًا

تمرُّ عليها الأزمنةُ

ولا تشيخ

 

تخجلُ

من مرايا الوجوه

فتعيدُ تشكيلنا

كما تشاء

كأنك تصنعُنا من بُعدٍ

بحركةِ عينيك فقط

 

نلتفت

حولنا

أضيافك

نرتدي ظلالًا

ولا ندري

غريب ملا زلال

ليست سوى الحرب
تأكل أضواءنا
و رجالها
في دهاليز المملكة
يكيلون دماءنا
مُذ عرفت
أن الرب
في عليائه يستريح
كمحارب قديم
أتى تواً
من الجبل
و أحلامنا ..
آمالنا
تذهب في الريح
بحثاً عن أشلائنا
هل كانت الأمور
في السموات العشرة
على ما يرام
حين خلت المدينة
من أبنائها
إلا من بقي نائماً
تحت الركام
و زخات المطر
بعد القصف
هل كانت
دموع الرب في عليائه
على عباده
أم كانت
رذاذات صرخة
لطفل يبحث عن أمه
كل المعابد
لا تصلح لإطفاء الحريق
فالرب متعب
والكهان متعبون …