علاء الدين جنكو
الوداع والفراق كلمتان مترادفتان تبثان في الإنسان الحزن والأسى ، خاصة إذا كان المودَع محبوبا إلى قلب المودع حتى لو كان لحظة من عمره . فكيف الأمر بالإنسان وهو يودع شهراً كاملا ، صام نهاره وأقام ليله ؟
استقبل الصائم شهر رمضان المبارك وكله أمل في أن يغفر الله له ذنوبه ، ودخل هذا الشهر الكريم من الباب الذي كتب عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
استقبل الصائم هذا الشهر الفضيل ولسان حاله يقول :
يا رب عبدك قد أتا ك وقد أساء و قد هفا
يكفيه منك حياؤه من سوء ما قد أسلفا
حمل الذنوب على الذ نوب الموبقات و أسرفا
و قد استجار بذيل عفوك من عقابك ملحفا
رب اعف عنه وعافه فلأنت أولى من عفا
ومضت أيام رمضان أسرع من لمح البصر ، فمن اغتنمه في الطاعة والعبادة وعمل جاهدا في الأخذ بأسباب الغفران فقد نجح وفلح وطوبى له ولأمثاله ، وأما من فاته هذا الخير الكثير فقد خسر 000000 والذي نفسي بيده
نعم والله من فاته المغفرة في رمضان فقد وصل إلى غاية الحرمان ، وهذا ما يؤكده الحديث الذي ورد في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال : ( آمين آمين آمين ) قيل يارسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال : إن جبريل أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار ، فأبعده الله قل آمين ، فقلت : آمين ، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين ، قلت : آمين ، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين ، فقلت : آمين .
بالله عليك أخي المسلم من يقبل من رُدّ في ليلة القدر ، ومتى يصلح مالا يصلح في رمضان ، متى يصلح من كان به في رمضان داء الجهالة والغفلة .
روي عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة في رمضان : يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ، ومن هذا المحروم فنعزيه ، وفي هذا المعنى يقول الشاعر :
ترحل شهر الصبر والهفا وانصرما واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما تراه يحصد إلا الهم و الندما
والوداع الحقيقي من المؤمن في رمضان هو العزم على الحفاظ على العلاقة بينه وبن ربه وأن يقرر أن عبادة شهر رمضان وأخلاقياته ستستمر معه خَلْقاً وخُلُقاً حتى عليه الرمضان التالي إن أبقاه الله ينعم في الدنيا .
أما المحروم العاصي فوداعه يتمثل في ندمه وإعلان توبته ليعود إلى ربه فينهل من جنان العبادة الثمار الطيبة التي يغذي بها روحه ليرتقي بها إلى مصاف الأرواح الساكنة النفوس المطمئنة .
وبعد هذا أقول ليتني ما استخدمت كلمة الوداع في مقالتي هذه ولكن لم يحصل شيء 0000 فالآن أقول لا وداعا لا وداعا يا رمضان بل لقاء – بإذن الله تعالى – أحر من سابقه