شعر وترجمة: أمين بوتاني
الزنديق حامل الفأس
ينتعل فقهاً ممزقاً؛
ويقطع ثدي أمه,
ثم ينهال على جذوع الشجر
و جذور الحجر,
إنه لا يُبقي على عرموطةٍ
مِنْ على السفوح؛
ولا قيدَ ريشةٍ من سماء
الزنديق حامل الفأس
ينتعل فقهاً ممزقاً؛
ويقطع ثدي أمه,
ثم ينهال على جذوع الشجر
و جذور الحجر,
إنه لا يُبقي على عرموطةٍ
مِنْ على السفوح؛
ولا قيدَ ريشةٍ من سماء
لتحليق الطيور.
من الآن
لن تسطع نجمة
ولا نهرٌ يناغي ضفاف اليابسة,
وصبايا سنجار
يحرّمن على مُحياهنّ المرآةَ
وإلى الأبد…
أيا شيخ مند؛
أيا بير رش,
أواه…أواه
لقد أتى الخراب على بيت المعرفة!,
” شرف الدين…شرف الدين
مآل الجميع هو الإيمان
يجمعنا مزار واحد وهو الحب
إنه عين المناجاة والجرح نفسه.
وا شرفالديناه…
كل هذا الجمع الغفير
مرّوا من عندك
أكان مآل كلهم حبور واحد؟!,
منيّة هشّة من جهة الجنوب
وإيمان ثابتٌ شمالاً,
عفة الجميع متشحة بالبياض
بينما دماء كلهم حمراء قانية!”.
الزنديق حامل الفأس
يعثّ في غابة الشريعة فساداً وغدرا
يجول بين الروايات تمشاءً ومكرا,
ولا نبيّ ينهره:
أيا أقذر من القذارة
إياك والتقرب من تخوم النقاء.
الزنديق حامل الفأس
يصول في طرقات بغداد
وعلى مرآىً من العباسيين
يحرق بساتين الكروم لحلاج
بينما الخلفاء والسلاطين
يضعون خنوعم في مآقيهم.
الزنديق حامل الفأس
يتبختر في أزقة الشام
يمرّ على مقربةٍ من الأمويين
ويكابر دون إستحياء,
ينقضّ على حرمات الجبر والإختيار
مالئاً مملكة العفةِ فجورا,
والخليفة لاينبسّ ببنت جراءةً,
في حين تثمل المعرفة
ويضطرم شرهاً
لنهم التين من بساتين (كَرسيه).
أيا ملك فخرا…
ما هذا الدخان الذي يلفّ ابناء السبيل؟!
ما هذا الأنس الذي يغطي القبور؟!
والفراغ الموحش الذي يسكن المنازل والقصور؟!.
الزنديق حامل الفأس
يقطع غصون العقل والنقل
مجتثاً عروق التفسير كلها,
ثم يُقصي كل متنٍ لا يُحابي الكراهية
ويُبيد كل متنٍ لا يُناغي الحب,
الزنديق يكابد
لكنه لا يعثر على عصارة اليقين,
إنه لا يكتفي بهذا
بل يقطع صحارى الشك
مولّياً وجهه شطر راسيات الإيمان.
إنه يغادر الحجاز والشام
حاملاً كتبه وأسماله المهلهلة
متوجهاً إلى إيزيدخان,
وشرف الدين
أمير مبجلٌ يتوسط الديوان.
الزنديق حامل الفأس
على مرآى من الأتابكة
وعلى مرآى من الفاطميين
وأمام أعينِ الظاهريين والباطنيين
أمام أعينِ الخوارج
والعدميين والسرمديين,
يوصل من سمرقند
الى الأندلس في أربعٍ وأربعين محطة
قوافل تعجُّ بباكراتٍ حسانْ,
ويهرّب من اليمنِ وعدن وعمانْ
أحمالاً محملةً
من نبالٍ ومرجانْ
سالماً معافى إلى همدانْ.
إنه نقلَ للحجّاج
من الكوفةِ وكربلاءَ في غمضةِ عينٍ
حملُ سبعةُ قوافلَ بعيرٍ
ملأى بالبخورِ وجلودَ الغزلانْ.
وحملُ أربعَ عشرة قافلةَ نوقٍ
ملأى بأجزاءِ فتاوىً سِمانْ.
وقبيلَ جميع السماسرةِ والتُجار
يصل إلى مشارف خوارزم وبخارى,
حاملاً معه
قوافل بعيرٍ في إحدى وعشرينَ رحلة
ملأى باُبرِ العقارب ولسان الأفعوانْ.
الزنديق المحاط بفيضِ الدلال
يقترف آلافَ المعاصي والآثامْ,
ولا من خليفةٍ
يغتاضُ لمعاداةِ سجايا خيرِ الأنامْ.
وأسرابُ الزنادقةِ
تغزو بلادَ الجبل!
يملؤون رحلهم من لعابِ سراقا وحنقِ المأمون,
وتكبيرهم المقيتْ
يعكر صفوَ كرميان
يعكر صفوَ حلبجةَ وبارزان وباليسان
وسردشت ومهاباد وقامشلو
ويعكر صفوَ ديرسم وآلقمش
وخورت ودكا وصوريا وكلي بازي.
الزنديق آتٍ للغزو
إنه محمومٌ للغزوات…
الزنديق حامل الفأس
ضائعٌ بين
ألق الظاهر وعتمة الفحوى.
إنه تائهٌ
بين بهاءِ الخرائبِ وقبحِ المأوى.
إنه في ضلالةٍ لايميز فيها
بين أزاهير الإيمانِ وأشواك التقوى.
الزنديق حامل الفأس
يمنحُ قوّالاً مهلةَ ثلاثةَ أيامٍ
كي يتنكر لآياتِ العشقِ في جوارحه,
ومهلةُ ثلاثة أيامٍ ل بيرٍ
كي يتنكر لصبابة الحياة,
ويمنحُ مهلةَ ثلاثةَ أيامٍ للجبلِ
كي يُسلِّمَ شموخهُ للأودية,
وثلاثةُ أيامٍ للناي والدفوف
كي ينتزعن الرقص من قاماتِ الخلائق.
تعالتْ صرخات القوال
لتنتابَ الجذبةُ حتى الصخور:
أنا القوال أنا القائل
ولربّيَ القدير أنا المائل
سبقاتي سابقةٌ
تحمل سرّ الوجود والسجود
تحمل كنه وأسرار الخلود,
أنا أمهلك ثلاثاً
لتغدوَ عاشقاً
كي تفقهَ معاني الفيضِ والحلول,
كي لا تبقى آبقاً مارقاً
أبتراً ذلولْ,
فارجع الى القول والقرار
وعد الى مناسكِ الأخيار,
أصبح الحبل لديك ثعبانا
فكم تُعاني المعاني إن رأتْ أوثانا؟!.
أيا ملك فخرا
وا ملك فخراه…
ما هذا الدخان الذي يلف أبناء السبيل؟!
هذا الماء مسكوبٌ
منذ زمنٍ غابرٍ سحيقْ,
واحسرتاه…
يبدو ان سيول الدّمِ
تبقى نازفةً مهما طال بنا الطريق!.
وأطلق البيرُ التقيُّ آهاتٍ حارقة:
إلى أن دبّ الشيبُ
بقيتُ أمدّ الإيمان باليقين
وأمدّ الوجدان بإيمانٍ مُبين,
ما هذا النفاقُ المغرمُ بالأفئدةِ والرؤوس؟
وما هذا الكفر الدفين؟
من الأجدى لك أن تُنهي هذه القصة
وترجعَ الى شعائر المحبة.
يا أيتها الصحارى
هل تعلمون من أنا؟!
أنا الجبلُ,
مرّت دهورٌ
وأنا أدّخر السهولَ والوديان,
اُلملمُ التلالَ والسفوح صخرةً صخرة,
نعم أنا الجبل
أستلهمُ الشموخَ
من حدقاتِ البازِ والصقور,
ومن حَلَمةِ الترابِ
أستجمعُ حليبَ الجسارة الهادرة,
البيشمركةُ خميرتي
إنك لن تثنيَ إيمانيَ السامق,
فتَمَعّنْ في ثنايا زهدي ونجواي
إن كنتَ تريد رؤية آياتِ الخلاصْ.
الزنديق حامل الفأس
يمهل القبجَ ثلاثة أيامٍ
كي يُرجعنَ تغاريدهنّ
إلى داخلِ أقفاصِ الصمتْ,
يمهل الأسماك ثلاثةَ أيامٍ
كي يمنعنَ الأمواج عن أحشائهنّ,
ويمهل النحلَ ثلاثة أيامٍ
كي ينسجنَ رحيق الأزاهير
بمغازلَ من زقوم,
ويمهل الحرية ثلاثة أيامٍ
كي تبتعدَ عن أحلام الكورد بالمرّة!.
قبجُ سنجار تصدح
قبجُ سنجار تصدح شجيّاً؛
الأبناءُ الأباة
الأبناء الأصلاء
يزمجرونَ هادرينَ مثنى وثلاث:
أيا داوودي داوود
ويا محموداه؛
ويا قاسمي سْمير وشَشو,
ها نحن نقارعُ
هشيمَ فلولٍ تافهةٍ جرّارّة,
يا رجال سوح الوغى
يا بواسل أيامِ المحنِ والشدائد,
هبّوا وأمطروهم
من سعيرِ السيتير والششخان,
إنه يوم رفع الحَيف
إبعثوا بخبرٍ الى كوردستان
كي يبقوا ثابتين وراسخي الإيمان,
فشرف الدين أميرنا
إنه يرفلُ بالظفرِ في الديوان.
فشمِّروا يا إخوتي عن سواعدكم
واثأروا لإيزيدخان.
الأسماك تتوجه الى يونس
ويونس يتوجه الى الأسماك
أنجدنا يا نوح السفن
أنجدنا يا سود الأفاعي
ما ذلك الماء الذي لا يؤنس الأمواج؟!
ما ذلك الصيد الذي لا يُحابي القطيع؟!
ما ذلك الشحم الذي يجافي المجامر؟!
وما تلك الكرمة التي لا تمدّ أصحابها كؤوس الثمالة؟!
” كن إنساناً
كن إنساناً يا هذا”
أرجع الى شريعةِ الماء,
وأوجدْ تفسيراً
لعلةِ اليبوس وحرقة الأمواج النديّة,
وتفسيراً يكشف عن سببِ
إسودادِ الأحشاء الظامئة…
” الجبل الجبل”
يا أيتها الجميلة
يا ناسجة رحيق الحياة
يا نحلة سفوحِ جبل سنجار,
يتقطر منكِ كل ما هو لذيذ الإيمان:
“كن إنساناً
تحلّى بالإنسانية يا هذا”
فلتأتي مرّةً
وتذُق الحقيقة,
فلتلوذَ بطعم السكر
وتعود الى جادّة الشهدِ,
إرجع إلى سبيل الرشاد
لقد إستشهدتْ مصاحف الحدائق
وأشبعتَ جسد الآياتِ جروحا.
“الجبل الجبل”
هنيئاً لكِ يا بلاد الجبل
هنيئاً لكَ هذه الحرية يا جبل.
أيا مارقَ المروق
يَربطني والكورد قصصاً طويلة,
أنا الذي من يمهلك ثلاثة آلاف يومٍ
كي تفقهَ حرفاً من أبجدياتِ الحرية,
أمهلكَ ثلاثة آلافِ ليلةٍ
كي تدركَ أوجاعَ الظلام,
أعطيك الفرصة والمجال
كي تميزَ بين القيل والقال
وتنال العقل والكمال.
“الجبل الجبل”
طفلٌ سنجاريٌ ظامئ
قائلاً للظمأ:
إقرأ سورة الماء,
ويقول لسرابِ البيدِ:
إرجع الى مذهبِ الريحان,
ويقولُ لغبار الخوفِ:
إرجع الى ملّةِ الملاذ,
وأخيراً
يقع الماءُ أسيراً في يدِ الإختناقِ
وهو جريح,
وجثمانُ السرابِ
يقع بينَ يديِّ الإنتظارْ,
بينما الغبارُ
يقع في أسْرِ الفرارْ!.
طفلٌ سنجاريٌّ ظامئ
يمهلُ الزنديق ثلاث جرعاتٍ من الماء:
“كن إنساناً
تديَّن بدين الإنسانية يا هذا”
أقسم بثلاثةِ ينابيع
ينبوع ثلاثةُ أرواحٍ طاهرة
روح ثلاثةُ أولياءٍ متزهدين,
بعد أن تفرغَ من جرعاتٍ ثلاثْ
ولم تُعلِن عن توبتك
وترجعَ الى جادّة الإنسانية,
قسماً عظماً
سأرميك الى داخلِ أمواج الإختناقْ,
كي لا تتعرّف
الى قطراتِ البلل ثانيةً.
“سِفر النطفة
هكذا كان منقوشاً
على عصعصِ إحدى الوريقات”.
“الجبل الجبل”
طفلٌ سنجاريٌّ جائع
قائلاً للجوع:
إرجَع الى دينِ الخبز،
إرجَع الى دين الشبع.
ويقول لكلِّ الفراغات
إرجعنَ الى دينِ الإمتلاء.
وفي الأخير
وقعتْ الأرغفةُ
في أسرِ تنانير الجوع,
وذابَ الشبعُ
كما الشهدُ في أفواه الدببة!,
طفلٌ سنجاريٌّ جائع
يمهِّلُ الزنديقَ ثلاث لقيماتٍ من الأرغفة:
“تُبْ وكن إنساناً
كن إنساناَ يا هذا”.
قسَماً بثلاثِ أرغفة
رغيفُ ثلاثة رعاة
رعاةُ ثلاثة قطعانٍ من الكباش,
بعد أن تفرغَ من إلتهام اللقيمات الثلاث
ولم تُعلن إنسانيتك,
قسَماً سأرميكَ داخلَ رائحةَ تنورٍ
كي لا تتذكرَ طعمَ الشواءِ أبدا.
“سيرةُ القمحِ
هكذا كانتْ منقورةً على صخرة”.
أيا زنديق
أيها المارق القذر,
أوَ تريد رتقَ إيمانكَ الممزق
بالإستحواذ على شرفنا؟!
دعْ سحتكَ الحرام هذا؛
فمحيّانا الأبية الشامخة
حلبناها من صلب الطهارة,
أيا عدوّ الحرية
إن ضرباتنا ماحقة ساحقة،
“الجبل الجبل”
أيا زنديق
إن (الهداية) تستوجبُ
بأن تجمعَ ذئابَ قُبحك
بمزامير الندم
خارجَ حظائرَ رائحةِ الدمّ.
أيا زنديق
إن (البداية) تستوجبُ عليك
أن تُخفيَ ذهابك النزق
داخلَ أحضانِ التقهقر.
و(النهاية) تستوجبُ عليك
بأن تُبعِدَ سوءكَ عن حريةِ الكورد,
وتنقشَ آثارَ خَطوِكَ
على جدارِ الإنهدام.
وسنجار
تبني نوافذَ حلمٍ أكبرَ وأكبرْ.
لن تسطع نجمة
ولا نهرٌ يناغي ضفاف اليابسة,
وصبايا سنجار
يحرّمن على مُحياهنّ المرآةَ
وإلى الأبد…
أيا شيخ مند؛
أيا بير رش,
أواه…أواه
لقد أتى الخراب على بيت المعرفة!,
” شرف الدين…شرف الدين
مآل الجميع هو الإيمان
يجمعنا مزار واحد وهو الحب
إنه عين المناجاة والجرح نفسه.
وا شرفالديناه…
كل هذا الجمع الغفير
مرّوا من عندك
أكان مآل كلهم حبور واحد؟!,
منيّة هشّة من جهة الجنوب
وإيمان ثابتٌ شمالاً,
عفة الجميع متشحة بالبياض
بينما دماء كلهم حمراء قانية!”.
الزنديق حامل الفأس
يعثّ في غابة الشريعة فساداً وغدرا
يجول بين الروايات تمشاءً ومكرا,
ولا نبيّ ينهره:
أيا أقذر من القذارة
إياك والتقرب من تخوم النقاء.
الزنديق حامل الفأس
يصول في طرقات بغداد
وعلى مرآىً من العباسيين
يحرق بساتين الكروم لحلاج
بينما الخلفاء والسلاطين
يضعون خنوعم في مآقيهم.
الزنديق حامل الفأس
يتبختر في أزقة الشام
يمرّ على مقربةٍ من الأمويين
ويكابر دون إستحياء,
ينقضّ على حرمات الجبر والإختيار
مالئاً مملكة العفةِ فجورا,
والخليفة لاينبسّ ببنت جراءةً,
في حين تثمل المعرفة
ويضطرم شرهاً
لنهم التين من بساتين (كَرسيه).
أيا ملك فخرا…
ما هذا الدخان الذي يلفّ ابناء السبيل؟!
ما هذا الأنس الذي يغطي القبور؟!
والفراغ الموحش الذي يسكن المنازل والقصور؟!.
الزنديق حامل الفأس
يقطع غصون العقل والنقل
مجتثاً عروق التفسير كلها,
ثم يُقصي كل متنٍ لا يُحابي الكراهية
ويُبيد كل متنٍ لا يُناغي الحب,
الزنديق يكابد
لكنه لا يعثر على عصارة اليقين,
إنه لا يكتفي بهذا
بل يقطع صحارى الشك
مولّياً وجهه شطر راسيات الإيمان.
إنه يغادر الحجاز والشام
حاملاً كتبه وأسماله المهلهلة
متوجهاً إلى إيزيدخان,
وشرف الدين
أمير مبجلٌ يتوسط الديوان.
الزنديق حامل الفأس
على مرآى من الأتابكة
وعلى مرآى من الفاطميين
وأمام أعينِ الظاهريين والباطنيين
أمام أعينِ الخوارج
والعدميين والسرمديين,
يوصل من سمرقند
الى الأندلس في أربعٍ وأربعين محطة
قوافل تعجُّ بباكراتٍ حسانْ,
ويهرّب من اليمنِ وعدن وعمانْ
أحمالاً محملةً
من نبالٍ ومرجانْ
سالماً معافى إلى همدانْ.
إنه نقلَ للحجّاج
من الكوفةِ وكربلاءَ في غمضةِ عينٍ
حملُ سبعةُ قوافلَ بعيرٍ
ملأى بالبخورِ وجلودَ الغزلانْ.
وحملُ أربعَ عشرة قافلةَ نوقٍ
ملأى بأجزاءِ فتاوىً سِمانْ.
وقبيلَ جميع السماسرةِ والتُجار
يصل إلى مشارف خوارزم وبخارى,
حاملاً معه
قوافل بعيرٍ في إحدى وعشرينَ رحلة
ملأى باُبرِ العقارب ولسان الأفعوانْ.
الزنديق المحاط بفيضِ الدلال
يقترف آلافَ المعاصي والآثامْ,
ولا من خليفةٍ
يغتاضُ لمعاداةِ سجايا خيرِ الأنامْ.
وأسرابُ الزنادقةِ
تغزو بلادَ الجبل!
يملؤون رحلهم من لعابِ سراقا وحنقِ المأمون,
وتكبيرهم المقيتْ
يعكر صفوَ كرميان
يعكر صفوَ حلبجةَ وبارزان وباليسان
وسردشت ومهاباد وقامشلو
ويعكر صفوَ ديرسم وآلقمش
وخورت ودكا وصوريا وكلي بازي.
الزنديق آتٍ للغزو
إنه محمومٌ للغزوات…
الزنديق حامل الفأس
ضائعٌ بين
ألق الظاهر وعتمة الفحوى.
إنه تائهٌ
بين بهاءِ الخرائبِ وقبحِ المأوى.
إنه في ضلالةٍ لايميز فيها
بين أزاهير الإيمانِ وأشواك التقوى.
الزنديق حامل الفأس
يمنحُ قوّالاً مهلةَ ثلاثةَ أيامٍ
كي يتنكر لآياتِ العشقِ في جوارحه,
ومهلةُ ثلاثة أيامٍ ل بيرٍ
كي يتنكر لصبابة الحياة,
ويمنحُ مهلةَ ثلاثةَ أيامٍ للجبلِ
كي يُسلِّمَ شموخهُ للأودية,
وثلاثةُ أيامٍ للناي والدفوف
كي ينتزعن الرقص من قاماتِ الخلائق.
تعالتْ صرخات القوال
لتنتابَ الجذبةُ حتى الصخور:
أنا القوال أنا القائل
ولربّيَ القدير أنا المائل
سبقاتي سابقةٌ
تحمل سرّ الوجود والسجود
تحمل كنه وأسرار الخلود,
أنا أمهلك ثلاثاً
لتغدوَ عاشقاً
كي تفقهَ معاني الفيضِ والحلول,
كي لا تبقى آبقاً مارقاً
أبتراً ذلولْ,
فارجع الى القول والقرار
وعد الى مناسكِ الأخيار,
أصبح الحبل لديك ثعبانا
فكم تُعاني المعاني إن رأتْ أوثانا؟!.
أيا ملك فخرا
وا ملك فخراه…
ما هذا الدخان الذي يلف أبناء السبيل؟!
هذا الماء مسكوبٌ
منذ زمنٍ غابرٍ سحيقْ,
واحسرتاه…
يبدو ان سيول الدّمِ
تبقى نازفةً مهما طال بنا الطريق!.
وأطلق البيرُ التقيُّ آهاتٍ حارقة:
إلى أن دبّ الشيبُ
بقيتُ أمدّ الإيمان باليقين
وأمدّ الوجدان بإيمانٍ مُبين,
ما هذا النفاقُ المغرمُ بالأفئدةِ والرؤوس؟
وما هذا الكفر الدفين؟
من الأجدى لك أن تُنهي هذه القصة
وترجعَ الى شعائر المحبة.
يا أيتها الصحارى
هل تعلمون من أنا؟!
أنا الجبلُ,
مرّت دهورٌ
وأنا أدّخر السهولَ والوديان,
اُلملمُ التلالَ والسفوح صخرةً صخرة,
نعم أنا الجبل
أستلهمُ الشموخَ
من حدقاتِ البازِ والصقور,
ومن حَلَمةِ الترابِ
أستجمعُ حليبَ الجسارة الهادرة,
البيشمركةُ خميرتي
إنك لن تثنيَ إيمانيَ السامق,
فتَمَعّنْ في ثنايا زهدي ونجواي
إن كنتَ تريد رؤية آياتِ الخلاصْ.
الزنديق حامل الفأس
يمهل القبجَ ثلاثة أيامٍ
كي يُرجعنَ تغاريدهنّ
إلى داخلِ أقفاصِ الصمتْ,
يمهل الأسماك ثلاثةَ أيامٍ
كي يمنعنَ الأمواج عن أحشائهنّ,
ويمهل النحلَ ثلاثة أيامٍ
كي ينسجنَ رحيق الأزاهير
بمغازلَ من زقوم,
ويمهل الحرية ثلاثة أيامٍ
كي تبتعدَ عن أحلام الكورد بالمرّة!.
قبجُ سنجار تصدح
قبجُ سنجار تصدح شجيّاً؛
الأبناءُ الأباة
الأبناء الأصلاء
يزمجرونَ هادرينَ مثنى وثلاث:
أيا داوودي داوود
ويا محموداه؛
ويا قاسمي سْمير وشَشو,
ها نحن نقارعُ
هشيمَ فلولٍ تافهةٍ جرّارّة,
يا رجال سوح الوغى
يا بواسل أيامِ المحنِ والشدائد,
هبّوا وأمطروهم
من سعيرِ السيتير والششخان,
إنه يوم رفع الحَيف
إبعثوا بخبرٍ الى كوردستان
كي يبقوا ثابتين وراسخي الإيمان,
فشرف الدين أميرنا
إنه يرفلُ بالظفرِ في الديوان.
فشمِّروا يا إخوتي عن سواعدكم
واثأروا لإيزيدخان.
الأسماك تتوجه الى يونس
ويونس يتوجه الى الأسماك
أنجدنا يا نوح السفن
أنجدنا يا سود الأفاعي
ما ذلك الماء الذي لا يؤنس الأمواج؟!
ما ذلك الصيد الذي لا يُحابي القطيع؟!
ما ذلك الشحم الذي يجافي المجامر؟!
وما تلك الكرمة التي لا تمدّ أصحابها كؤوس الثمالة؟!
” كن إنساناً
كن إنساناً يا هذا”
أرجع الى شريعةِ الماء,
وأوجدْ تفسيراً
لعلةِ اليبوس وحرقة الأمواج النديّة,
وتفسيراً يكشف عن سببِ
إسودادِ الأحشاء الظامئة…
” الجبل الجبل”
يا أيتها الجميلة
يا ناسجة رحيق الحياة
يا نحلة سفوحِ جبل سنجار,
يتقطر منكِ كل ما هو لذيذ الإيمان:
“كن إنساناً
تحلّى بالإنسانية يا هذا”
فلتأتي مرّةً
وتذُق الحقيقة,
فلتلوذَ بطعم السكر
وتعود الى جادّة الشهدِ,
إرجع إلى سبيل الرشاد
لقد إستشهدتْ مصاحف الحدائق
وأشبعتَ جسد الآياتِ جروحا.
“الجبل الجبل”
هنيئاً لكِ يا بلاد الجبل
هنيئاً لكَ هذه الحرية يا جبل.
أيا مارقَ المروق
يَربطني والكورد قصصاً طويلة,
أنا الذي من يمهلك ثلاثة آلاف يومٍ
كي تفقهَ حرفاً من أبجدياتِ الحرية,
أمهلكَ ثلاثة آلافِ ليلةٍ
كي تدركَ أوجاعَ الظلام,
أعطيك الفرصة والمجال
كي تميزَ بين القيل والقال
وتنال العقل والكمال.
“الجبل الجبل”
طفلٌ سنجاريٌ ظامئ
قائلاً للظمأ:
إقرأ سورة الماء,
ويقول لسرابِ البيدِ:
إرجع الى مذهبِ الريحان,
ويقولُ لغبار الخوفِ:
إرجع الى ملّةِ الملاذ,
وأخيراً
يقع الماءُ أسيراً في يدِ الإختناقِ
وهو جريح,
وجثمانُ السرابِ
يقع بينَ يديِّ الإنتظارْ,
بينما الغبارُ
يقع في أسْرِ الفرارْ!.
طفلٌ سنجاريٌّ ظامئ
يمهلُ الزنديق ثلاث جرعاتٍ من الماء:
“كن إنساناً
تديَّن بدين الإنسانية يا هذا”
أقسم بثلاثةِ ينابيع
ينبوع ثلاثةُ أرواحٍ طاهرة
روح ثلاثةُ أولياءٍ متزهدين,
بعد أن تفرغَ من جرعاتٍ ثلاثْ
ولم تُعلِن عن توبتك
وترجعَ الى جادّة الإنسانية,
قسماً عظماً
سأرميك الى داخلِ أمواج الإختناقْ,
كي لا تتعرّف
الى قطراتِ البلل ثانيةً.
“سِفر النطفة
هكذا كان منقوشاً
على عصعصِ إحدى الوريقات”.
“الجبل الجبل”
طفلٌ سنجاريٌّ جائع
قائلاً للجوع:
إرجَع الى دينِ الخبز،
إرجَع الى دين الشبع.
ويقول لكلِّ الفراغات
إرجعنَ الى دينِ الإمتلاء.
وفي الأخير
وقعتْ الأرغفةُ
في أسرِ تنانير الجوع,
وذابَ الشبعُ
كما الشهدُ في أفواه الدببة!,
طفلٌ سنجاريٌّ جائع
يمهِّلُ الزنديقَ ثلاث لقيماتٍ من الأرغفة:
“تُبْ وكن إنساناً
كن إنساناَ يا هذا”.
قسَماً بثلاثِ أرغفة
رغيفُ ثلاثة رعاة
رعاةُ ثلاثة قطعانٍ من الكباش,
بعد أن تفرغَ من إلتهام اللقيمات الثلاث
ولم تُعلن إنسانيتك,
قسَماً سأرميكَ داخلَ رائحةَ تنورٍ
كي لا تتذكرَ طعمَ الشواءِ أبدا.
“سيرةُ القمحِ
هكذا كانتْ منقورةً على صخرة”.
أيا زنديق
أيها المارق القذر,
أوَ تريد رتقَ إيمانكَ الممزق
بالإستحواذ على شرفنا؟!
دعْ سحتكَ الحرام هذا؛
فمحيّانا الأبية الشامخة
حلبناها من صلب الطهارة,
أيا عدوّ الحرية
إن ضرباتنا ماحقة ساحقة،
“الجبل الجبل”
أيا زنديق
إن (الهداية) تستوجبُ
بأن تجمعَ ذئابَ قُبحك
بمزامير الندم
خارجَ حظائرَ رائحةِ الدمّ.
أيا زنديق
إن (البداية) تستوجبُ عليك
أن تُخفيَ ذهابك النزق
داخلَ أحضانِ التقهقر.
و(النهاية) تستوجبُ عليك
بأن تُبعِدَ سوءكَ عن حريةِ الكورد,
وتنقشَ آثارَ خَطوِكَ
على جدارِ الإنهدام.
وسنجار
تبني نوافذَ حلمٍ أكبرَ وأكبرْ.
16/ آب 2014