نصوص أدبية

خالد إبراهيم
ها قد أقبل العيد مرة أخرى، ستنتعش الهواتف النقالة ببريق المعايدات الظافرة بالشرف والكرامة، بالرسائل الرنانة، والعشق المدثر الخبيث، وتوحيد الله الذي لا شريك له.العيد القادمُ إليَّ عبر نقالة جثث الأموات، وأنفاق القطارات وبرد المحطات، وصلادة الوجوه التي تشطرني إلى شطرين، هنا في هذا المشفى اليابس مثل المقبرة.يا هذا النصل الذي يعبثُ في أمعائي…

خالد إبراهيم
ھل جربتَ الاستیقاظ في الرابعة صباحاً، لتكون مثل القنفذ المنتوف على طريق ترابي في مساء ميتٍ؟في حین أنكَ لا تقوى على الكلام أو النھوض أو السیر نحو المطبخ، لتنظر إلى الرف الفارغ من القھوة أو الشاي أو السجائر التي غادرنك أمس. ما ھو شعوركَ عندما تفحص بطاقتكَ البنكیة في الیوم عشرات المرات، وتتفاجأ بفراغٍ وأرقام…

خالد إبراهيم
ابنتي العزيزة يا أخر نجمة تتوسط سماء وجداني وكياني، يا انهيار جبال روحي وعنفواني، يا طفلتي التي تجمع بقايا أجزائي، عندما علمتُ أنكِ مريضة، ارتعدت أوصالي المائة والأربعون، هل تصدقين أنني تمنيت أن تلبسني كتلة من النار الباذخ في خرابه، أن أذوب مثل قطعة من النايلون، أن أتبخر دون أن يراني أحد.حينها لم أستطع…

عبداللطيف الحسيني
(أشدّد على سمة كبرى في شعره هي السيولة العالية في اللغة، وكيف واصلت الدنوّ بدرجات حثيثة مما استقر اليوم تحت توصيف «نثر الحياة اليومية»؛ الأمر الذي يفسّر، كثيراً وليس جزئياً في ظنّي، انجذاب العديد من شعراء قصيدة النثر إلى مقترحات يوسف). صبحي حديدي.

في أغلب ما كتبتُه وأكتبُه, سعدي يوسف لا يتركني وحدي, معي في…

شيرين أوسي
لم أقضِ في التفجير الكبير…..لكني لم انجُ أيضاً. حين رأيت جارتي تبكي طفلها الصغير. كان يخاف الظلام ويعشق اللعب والنور. كيف يكون الآن وهو تحت التراب.لم أقضِ في التفجير الكبير.لكني لم انجُ أيضاً

كل مرة أرى فيها صديقتي وهي تبكي عريسها الشاب.كيف كانا يخططان للعيش معاً،من أجل بدء حياة جديدة وأسرة تكون آمنة.كيف كانا يحلمان…

عبداللطيف الحسيني. هانوفر
أخلعُ جلبابي وأنضو سيفي .. أُريحُه مكسوراً بجابني مع ترسي,أنختُ جوادي الأبرقَ وأجلستُ كلبي الأعرج حَدّي من طول المسير, جلستُ في طرف الأرض أقلّبُ جهاتِه وأقبّلُ عتبةَ المعبد شوقاً ولهفةً…. أخالُها عتبةَ بيتي المخبّأ الذي لا يظهرُ إلا فوقَ دمعة الذكريات لغريب ترَكَ ملعبَ طفولتِه وأخذه الجنُّ إلى حيث لا يشاء, فوقفَ مثلي…

أفين أوسو
نهضت بتثاقل هذا الصباحأمعنت النظر في الرطوبة، التي تمتدّ فوف رأسي كغيمة من الأحجارمددت يدي أنبش عن نظارتي بين جثوة أعقاب السجائر، التي هي مضاد لخسائرناتراجعت؛ فلا رغبة لأن أرى الأشياء بوضوحلا بأس بوجوه ضبابية، في حيّ لا يستحقّ الدقة والصفاء.

في أيام البؤس لا فرق بين الشروق والمغيبسوى تمريرة حلم ربما تحمل ترسبات سلاملا…

عبداللطيف الحسيني
إلى معلّمي محمد نور الحسيني.هكذا…. برفّة جَفن بعدتُ عن جاري.. عن هذيانه ويديه المرتعشتين تنامانعلى ركبتيه, زرعتُ لَغماً في مجلسه وفجّرتُه. ولم أعد أدري أَبعدتُ عنه أمبعُد عني؟, فذاكرتي أصابَها عقمُ تغريبتي, كأن الأرضَ تركت هذه البقعةَغيرَ أني أمسكتُ بنجمةٍ لترمي بي إلى الضفة الأخرى من النهر, في تلك الضفة ضيّعتُ كتابَ عمري “الخمسون”…

عبداللطيف الحسيني/هانوفر
الليلةَ أحتفلُ بالسنوات السبع التي مرّت على تغريبتي وبالسنوات الأربع على وجودي المُرّ في هانوفر التي تماهيتُ معَها,قطعتُ الدنيا لألتقي بعامودا الثمانينيّات حيث يزورُني ماركس يتلو عليّ مقاطعَ من رأس ماله, أصوّب له أخطاءَه في الإملاء والنحو, أحياناً أضخُّه بالأفكار التي رآها في أحلامِه فأذكّرُه بها ليشكرني. أبحثُ عن غيفارا في هانوفر فلا أجدُه…

عبداللطيف الحسيني/هانوفر
كانَ الوقتُ ظهيرةَ يوم تموزيّ تُحرقُ شمسُه الصفيحَ والحديد خرجتُ لأستظلّ بشجرة توتٍ عملاقة وُجدت خطأً في صحراء بلادي, وبلادي كلُّها صحراء لا ماءَ ولاخضرةَ ولا وجهَ حسن, زوّادتي التمرُ واللبن والخمرُ.آنَ وضعتُ خطوتي الأولى على عتبة الصحراء اختفت الأفاعي و النمورُ والضباع,كأنّي خارجٌ من صفحات التاريخ…. شبيهُ كلكامش وعُطيل أو الشنفرى, كأني رجلٌ…