لو كنتَ تافهاً

ماجد ع  محمد
لو كنتَ شاعراً
لقطعتُ سلاسل هذياناتكَ 
قِطعةً قطعة
وعلّقتُها تباعاً في أعناق الأصايل
وقلتُ عن تشطيحاتك اللغوية
بأنها عثراتٌ فكرية
لطبّاخِ كلماتٍ نسيَ عاجنُها 
أوان الخلطِ في الأواني 
كل المقادير والمعاني 
من فرط الشجن.
***
لو كنتَ رسّاماً 
لأخذتُ من الغبطة مكانكَ
ورسمتُ بريشتكَ سوراً من الألوانِ
جلستُ القرفصاء قروناً 
أمام جلال لوحاتكَ المحاكية
كُنه أسرارنا بالفن.
***
لو كنتَ كاتباً
لالتمستُ الجموعَ للاستلقاء على أضلاع جُملكَ
حتى إذا ما استفاقت الأُمّة 
على سرير التراكيبِ يوماً
تنهضُ ساطعةً 
مضمَّخةً بالخلقِ
ومشغولةً باختراعِ أبجديةٍ
تناسب وجه الوطن.
***
لو كنتَ روائياً 
لمددتُ الأيام على عتبةِ بابكَ
وقلتُ: بودٍ
علَّكَ تختزن الكُلَّ 
في أجزائكَ المروية
عن أيام المِحن.
***
لو كنتَ لصاً 
لما كلّفتُ ذاكرتي عناء الانزواء
في دهاليز لعنةٍ محصَّنةٍ 
بآيات الاختباء
وارتضيتُ وحدي 
ابتلاع أنين الثمن.
***
لو كنتَ تافهاً جداً
لأرحتَ البلادَ من جحافل المنظّرين
وهم قيد الإلتفاف حول خصركَ
وقد ذَبُلت السنونُ بهم
في صوامعَ غَرقت من التفكيرِ بغدكَ
ومستقبل أشباهكَ عبر الزمن
لكنكَ آثرتَ أن تُدعى مناضلاً
يُقامر في ماخورٍ يبيعُ كلماتَ تُرفعُ لا تزالُ 
إلى مقام الوثن
فكيف لا تنتفضُ الغِددُ البوحية يا صانع الشجن؟
ولا تثور اليراعات بوجهك المشغول بحياكة البيانات
مع دوام تغلغل أحبارِكَ المسمومة 
في تُرَع الأريافِ وصنابير المُدن
فيا أيها المترعُ بأقداح البلاغة اللفظية
من ومضة دخولك إلى الحظيرة السياسية
إلى أوان خروجكَ عن إطارٍ
كنتَ تُسميهِ وطن
فمتى ستراكَ الخليقة 
في خلاءِ الحياة مستوطن
مُقتعداً رصيف الملّة 
تشحذُ المفردة تضوراً
فلا تُستعطى من العابرين 
ولو حرفاً من جثةٍ في كفن
يا مناضلاً مزّق شَغاف الحياء صفاقةً
ومِن هيجا النفورِ 
تنصَّلَ من الاِنتساب لمملكته حتى العَفَن
عَفَن 
عـَــفَـــن
عَ
فَ 
نْ.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مسلم عبدالله علي

ونحن صغار، كان أبي دائمًا يُصرّ أن نجتمع جميعًا حول سفرة الأكل دون استثناء. لم تكن السفرة تُمدّ إن كان أحدنا متأخرًا، بل ننتظر حتى يأتي.

وإن تحجّج أحدنا بأنه ليس بجائع، كان يُصرّ عليه بالجلوس، وأي جلوس! بقرب كيس الخبز وقنينة المياه ليصبّ لكل من أراد ذلك. وأحيانًا كانت أمي تحاول إنجاز بعض…

ماهين شيخاني

تتوالى الأنباء كما لو أنها خيوط حزن تتسرب إلى القلوب: خبر وفاة مناضلٍ كبير، وشخصية كوردية تركت بصمة عميقة في الوجدان والتاريخ.

لقد التقيتُ به أكثر من مرة ، في مناسبات عامة وفي داره العامر، حيث كان الاستقبال ودوداً والبساطة شاهدة على عظمة رجلٍ لم تُغره المناصب. وحين بلغني خبر رحيله ، شعرتُ كأن صفحة…

خالد بهلوي

لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للترفيه والتسلية، بل تحولت إلى فضاء واسع للتعبير عن الرأي وتبادل المعرفة وصناعة الوعي الجمعي. وفي الحالة السورية، التي تمر بمرحلة حساسة من التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تزداد أهمية هذه الوسائل بوصفها أداة فعّالة لرصد الواقع وكشف الحقائق والمساهمة في رسم ملامح سوريا المستقبل.

أغلب مستخدمي هذه…

المهندس باسل قس نصر الله
حينَ أنظرُ إلى أبنائيَ اليومَ، وقد أصبحَ كلُّ واحدٍ منهم يقودُ حياتَه ويصنعُ عائلتَه، أبتسمُ في داخلي وأقولُ: نعمْ … لقد صارَ لكلِّ بيتٍ جيشُه الصغيرُ، ومجموعُ هذه الجيوشِ هو جيشُنا الكبيرُ.

تعودُ بي الذاكرةُ إلى البداياتِ … إلى صباحاتٍ كنا نستيقظُ فيها على صوتِ أمِّهم وهي تُصدرُ أوامرَها الصارمةَ والحنونةَ معاً….