الدكتور هژار أوسكي زاخوراني
محال أن تنبت أزهار الربيع أو أن تنفجر ينابيع الجبال دون غيوم الشتاء الحبلى بالمطر وكذلك أزدهار الفكر ونضوجه في مجتمع وتطوره لا يأتي صدفة فهناك من أنشغل ودأب في تقديم حياته وأبداعه وعمله في فتح الأبواب أمام هذه الشعوب ومن ساحات النضال هذه ومن هذه الأبواب باب الأدب الذي ينعش العقول الغافلة ويوقظ العيون النائمة هذه الربوع والساحات الأدبية مجال حيوي يدفع بالأمم إلى الأمام ويقوي روابطها بالثورات ويوحد المجتمع برابط الهم المشترك والواجب ويأتي الأدب كرسم معماري برؤية مثقفة لصنع بناء مستقبلي يسكنه كل كائن ولربما يأتي التأثير تراكميا وليس على المدى القصير ولكن دارس التاريخ سيثبت لنا مصداقية هذه الفكرة وبأن تطور الفكر البشري هو نتاج أشخاص عظام زرعوا نتاجهم جيلا بعد جيل فأثمر فكرا مستنيرا تغذت منه العقول وليس رفاهية وتسلية أو هواية بل أشخاص ملئت قلوبهم بحب الوطن والإنسان والوجود فأرادوا له الأفضل
وفي كردستان أيران كما نعلم شهدت الساحة الكردية تحولات وتطورات عدة على الأرض وفي الفكر
وجدير بالملاحظة أتسام أغلب القادة السياسين بثقافة واسعة وانجزابهم وتلاحمهم مع الأدب والفكر والكتاب
فلم يجد الأديب نفسه غريبا عن الثورات وانما أيقن بأنها قصيدة من قصائده المنشودة وأنخرطت أقلام كثيرة بإبداعها
في الثورة أمثال شعراء معاصرين لها كالشاعر هيمن وهژار وغيرهم ممن حلقت نتاجاتهم في فلكها
وبإنكسار هذه الثورات أستمرت الأنتفاضة حية ومتقدة في نتاجات أدباء ملتزمين بالحق والحقوق والقضية فغدت أقلامهم قناديل للدرب وأجراسا توقظ العقول
وتزرع بذور الامل في فكر الأجيال اللاحقة
ومن هذه الأقلام التي برز أثرها الفعال ولا زال مشعا
إلى يومنا
قلم الأديب سواره
{سواره ئيلخانزادا ١٩٣٧_١٩٧٥م }
سواره ابن أحمد ئاغاى ئيلخانيزادا ولد في تورجان في كوردستان أيران حصل على أجازة في الحقوق من جامعة طهران وعمل في القسم الكردي لأذاعة طهران كمقدم ومشرف على سلسلة نقدية اجتماعية أدبية وبفضلها استطاع شد الجمهور الكردي وشجعه على التمسك بلغته الكردية و
هو رائد الحداثة في الادب الكردي في كوردستان إيران بأمتياز مع المحافظة على غنائية القصيدة ولحنها الكردي الأصيل الذي ما كان لولا تمكنه اللغوي المميز فضرورة التغيرات الحاصلة والحياة العصرية ألحت هكذا تطوير فأشبع القصيدة الكردية بالرومانسية والصور العصرية لكنها ظلت متعلقة بشجرة الأدب الكردي فلم يكسر القواعد بل طورها وصقل البيت الشعري ليزيد من ألقه ولم يبعثر كلماته جدافا وبفوضوية وانما عالج قضايا مصيرية ووطنية وإنسانية وتغلغل بقصائده إلى جموع المثقفين وادهشهم باللغة الكردية القابلة للتلون بكل انواع الشعر فبذلك أنقذ اللغة من الضياع حيث أكثرهم وقتها كان يلجأ للأدب الفارسي.
وتأثيره في الادب بثورته الشعرية شابه تأثير گوران ونازك الملائكة والبياتي وربما تجاوزهم في زوايا معينة
القارى لشعر (((كاك سواره)) كما يلقب يلاحظ مواضيع جمة شغلت باله من جانب أهميتها في واقعه منها
أولا القصيدة الوطنية :
حضور الوطن دائم في أشعاره فحتى العاطفية الرومانسية منها لم تخلو من الرمزية القومية والانتماء .
كاك سواره الأنسان لايختلف عن الأديب فكان سياسا نشطا واعتقل لنشاطه مدة ستة أشهر في سجن(( قزل قلعة طهران)) وقاس في سجنه كثيرا والجدير بالذكر إنه كان يعاني المرض مسبقا فزاد عليه السجن من آلامه وأصيب بتقرحات هضمية بعد خروجه من السجن ويذكر بإن حالته ساءت كثيرا حتى إنه كان يبصق دما وقداصابه الهزال والوهن وعندها يقول ((عجبا الألام والوهن والقهر كلهم جاؤوا وهي لم تأتي )) كأشارة إلى الحبيبة
إن جور الحكام وتنكرهم لحقوق الكرد أدت إلى قناعة تجلت بضرورة الكفاح كطريق لابديل عنه
فمواقفه من الثورة الكوردية والكفاح المسلح كحل للقضية الكوردية واضحة في قصائده لأدراكه بعدم جدوى أي حلول أخرى مع الأنظمة المستبدة فهو
يقول بترجمة بتصرف مني وذلك نظرا للفروقات اللغوية :
شتاءا أزهر الربيع في القلب
أينع بنداءات من كل حدب
لعدوهم تجهزوا أتوا من كل صوب
في قرانا الكوردية انتفض شعبي
في ساحات المساكين والفقر المتعب
أكتظت بقوم يومها وقفوا
وقفة الجبل المنتصب
بقاضينا الكبير ككاوى رافع الجبين
سنده شعب وإرادة لاتلين
صرخة أذهبت برد الشتاء اللعين
فأنتعشت زهور مرجنا القديم
وزينت للكرد زمن عصر عظيم
يومها صرخة الفلاح والعامل
كسرت غل الجهيم
وأزهر حلمنا يومها
دولة حق وحرية لكل كريم
وفي قصيدة أخرى ينتقد من يناهضون الكفاح المسلح الذي قاده الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني
يقول بترجمة بتصرف واختصار
أنتم
كذب خيالاتكم
ايا قوم ما هو نتاجكم؟
ولمن هي سياساتكم؟
أما هم
أسود الجبال
أزلوا العداء وطاب المنال
وكل خطوة كسر للغلال
أنتم
عتالو كتب ليس إلا
بائعوا وهم ليس إلا
هم
على خصرهم قوة الحياة
أزلوا البغات
بعزمهم بفدائهم ستشرق الصباحات
وتتنفس الزهور وتخضوضر الشجيرات
اين صباحكم انتم هيهات؟
ازيلوا عن اعينكم الغمامات
وأخرجوا من تحت العباءات
فوعودهم جور وهراءات
مرادهم قريبا اوبعيدا للكرد الممات.
ثانيا قصيدة الإنسان و
الموضوع الاجتماعي والإنساني
الذي يتناوله برومانسية شعرية رائعة وبصور متقنة فيناقش مواضيع كثيرة منها طلب العلم وحرية المرأة
والتشجيع على العودة إلى القيم النبيلة في المجتمع الريفي الكردي وينبذ العلاقات الحضرية وينظر إليها نظرة المستاء الى كل ماهو جامد ومصطنع ومادي ونبذ كل ما يبعد المجتمع عن التسامح والتعاضد والطيبة والمحبة الى اللامبالاة والاستغلال وعبودية المال وتحكم ذو الجاه بالعباد فهو رغم تمدنه وثقافته الواسعة وحياته المدنية وإيمانه بالحقوق والتطور إلا إنه لايرى ذلك مناقضا للقيم النبيلة المتجزرة في المجتمع الكردي فيقول مخاطبا محبوبته بترجمة وتصرف
أيا ورد أثقل الهم كاهل قلبي وبه السهد
عن مدينتك راحل لابد
لا نوم تحت ضؤكم الجعد
راحل انا عن حضركم أيا. ورد
**********
الى ريفي أعود
فرشفة ماء نبعنا رقه الوجد
علاج مابه. ألم أنتظار مستبد
ابتسامه قمره الوسيم افتقد
فكيف أحيا دونه. و منه أستمد
راحل انا عن حضركم. ايا. ورد
********
روحي تغلي وتستعر شوقا لايرقد
ضوضاء نهاركم والظلم واينما ألتفت سد
وليل بأهات وانات يشتغل بي ويجتهد
غريبة هنا طيور الحب لاتجد
راحل انا ايا ورد
********
احن لليد حين الانكسارات تلك الدافئة الجود
ماو جدت الا يدا قاسية فند
راحل انا عن (تهرانكم) ايا ورد
هي رمز رخاء وحدائد
فيها ضاع المسكين المشرد
وقتل العدل الجنين قبل أن يولد
رحمه الله عاش اقل من ٣٨عاما لكنه أنجز الكثير ولازالت قصائده تردد في كل مكان في إيران أكرادا. وفرسا حتى أنه قدم قصائد باللغة الفارسية ايضا ونال استحسان كل النقاد ومدحه رائد الحداثة شيرگو بيكس كمدرسة في الادب الكردي
رحمه الله واحسن إليه وحقق حلمه