إعلان من ابراهيم محمود

أن أصبح سكيّر شوارع أو حشّاشاً أو زبّالْ
أو صاحب ماخور أو  رقّاص الحانة أو طبّال
أن أصبح ابن حرام والعذْر من الناظر في الكلمات
فالقصد مجرَّد إعلام ومثالْ
أن أصبح أضحوكة أهل الحي ومن يظهر في الدرجات الدنيا
أفضل أشرف أسلم من أردوغانيٍّ دجال
أن أمضي عمراً جامع أكوام قمامة
أو مما لا يخطر في البال
أن أمضي أيامي بين قطيع حمير وقطيع كلاب
وأقيم سنين طوال
آكل أطعمة فاسدة
وأنا أشرب من ماء المستنقع ثم أنام على الروث
وأشم فساء بغال
أطهر من أطهر من يتهجى باسمه هذا الـ:أردوغان بإطلاق
حيث يُسمى عسكره أو مرتزق ضال
أن أتخَم بالآلام وأثقَل بالأوجاع وأضرَب بالطوب
وبالصلصال
يبقيني في أفضل وضع
ويعرَّف بي في أفضل حال
أسلم لي أن أمضي في حضرة مأمور مأفون
من خانة أردوغان أو أبعد منه في الإنسال
نقلت عفرين الكردية أصلاً
من تيه الغفلة من معسول القول إلى سفر الأهوال
ما كانت عفرين ولا كانت أيٌّ من أخوات الاسم من المدن الكردية
في وضْع المغنم واللهو على وجه الإجمال
ما كانت عفرين متاعاً لذوي السلب ذوي النهب
ذوي المنكر من كل الأفعال
كانت عفرين وما زالت عفرين  ولز تزل الأرض المسكونة بالنار الثرَّة
برداً وسلاماً على كل الأبطال
أن أصبح عصفور الدوري على بيتي عفريني
ويعشش في زاوية البيت  هنيء البال
أن أصبح في أصل الشجر العفريني سماداً
يخصب روحاً من ضوء ٍ سلسال
أن أمكث آلاف السنوات نزيل جدار عفريني متهدّم
أو  أُحبَس في غار  لا يخفي سوء الأحوال
أن أمضي طي غمام تطويه صحراء
ويفرَغ طي رمال
أهنأ لي من كل وعود التركية
من بركات التركي الوهمية
من آمر دين الله يزوّر في الأقوال
مشغوف بالحرب ومأخوذ بالحرب
ومجنون بالحرب ولو ضحى بعشرات الأجيال
لا شيء يفيد المشغوف بحرب إلا أن تنهيه الحرب
ولا شيء يداوي مجنوناً بالحرب سوى أن تلفظه الحرب
تُرى من يختال بحربه من يختال؟
من يغتال بعصف ٍ وهو المأخوذ بوهْم تعاليه
من يعفيه وهمه من هذا الإخلال؟
لا بأس هنا أن نطلق بعضاً مما يعني أرضاً لا تُطوى
وحِمىً محمياً من مجنون بالحرب وما ليس يقال
للأرض مداركها وسياستها في الدفع بذل العدوان
إلى أصحاب العدوان وهم أسرى الإذلال
للأرض عيون لا تعرف غمْضاً ليل نهار
وأياد ٍ تمتد على طول الجبهات وتهز الأغلال
هذي أقوام الأرض برار ٍ يقظى
وسهول ترفدها وديان وجبال
أمم أخرى للأرض تراب معضود
وحجارة أرض تتناسل أطياباً وغلال
وأعاصير تهب على الساعين إليها بموت
ومياه تخبِر عن كل دخيل في الحالْ
لا شيء من الأرض وفي الأرض يداوم من دون مواجهة
الأرض عيون والأرض جنود والأرض مجال
ومجال الأرض فضاء موصول بحماها
وحدود مثبتة بهواها ورجال
والأرض كيان عضوي ومدى من عزم ٍ
والأرض فخامة اسم ونبالة روح وضروب خصال
والأرض قياس لقوى أبقتها لعصور
والأرض كرامات وقيامات نساء ورجال
والأرض حروف كتاب طي كتاب وكتاب
والأرض مقال
ومقال الأرض خفاياها وعطاياها وسجاياها 
ومقال الأرض تجلّيها بصنوف الأبطال
والأرض جلاء النور وأفْق من زهو
والأرض قوام محسوس وحياض محفوظ وجلال
والأرض صلاة الروح لها والأرض ديانتها في الروح
تمد وصاياها العشر جلاءَ إباء ودلال
والأرض زهاء اللامحدود معان ومغان
والأرض زهاء اللامحدود من الآمال
والأرض كناية عن وجد ومداد من حيوات تترى
والأرض بواقعها إعراب المعنى في المبنى والجمْع جمال
ما كانت عفرين مواتاً ما كانت إلا عفرين وعفرين ستبقى
عفرين وفي عفرين تقاوم عفرينٌ وتتعزز بالأبطال
عفرين الأرض وعفرين حصانة أرض
وعفرين لسان الأرض وذاكرة من دون زوال
لن تسقط عفرين وإن سقطت عفرين فألف من هيئة عفرين ستشمخ أو
تتبدى غالبة بغْي الأعداء وإن صارت أطلال
عفرين الكردية مذ كانت عفرين وكردية عفرين
تميد بسورتها الكردية والآيات طوال
لا بأس من التسمية المثلى لشئون تعنيها
تعنينا لنحيط الأعداء بعلم دالْ
علَّمْنا غصن الزيتون بذاته كيف يجابه دبابته
علّمناه كيف ينازل شره خير نزال
علّمنا القش اليابس كيف يمارس تحوله
يتمدد طوع جهات ٍ ويصير نصالاً ونبال
علّمنا دود الأرض بعينه كيف يلغم نفسه
في قافلة الأعداء ويدخل  في سفْر الأمثال
علمنا الحجر المرمي على قارعة الطرقات
بما يبقيه كميناً ويمزّق في الأوصال
علّمنا حتى عقربنا فن الحرب وحيَّتنا بالمثل
لرد العدوان وعلَّمنا الزلزال
وجعلنا لكل صفير رياح ٍ أكثر من دور
في تعرية الأعداء وألقمناه من دمنا الموالْ
علّمنا  كل جماد في الأرض ليزددْ علماً
وسباع الطير، وأصناف ضوارينا من كل الأشكال
فإذاً هل لي أن أخشى من غاز بعدئذ لا ينشد إلا موته في عفرين
وبالموت يتم الاستقبال؟
طبعاً سنزيد الأرض قوى تسندها
ستكون دماء ٌمن لون الأرض الإيصالْ
أتراني أطلقت لساني في الريح
وفي كل جهاتي الكردية أبصر أعدائيَ في أرتالْ
أتراني بالغت بشرح قواي وعلى طول حدودي
من يستهدف وجهي وهو من الأرذال؟
لا بأس من العود إلى البدء وبعد البدء
لأعلن عن أني طوع بنان الأرض أحالْ
فمحال أن تصبح عفرين سوى عفرين
أن يمسسها العدوان المهتوك محال
أن أصبح في أدنى مرتبة أو أسوأها 
أفضل لي من أن يغزوني نصّاب  نشّال
أفضل لي أن أحيا كردياً وأموت كما أعرَف كردياً
من ذل عدوٍّ  وهوان عدوٍّ وربيب الأنذال
دهوك- في 9-2/2018 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…