شعر

شيرزاد هواري

قصيدة إلى أمي وكل الأمهات السوريات بيومهن

 

 

أمي، ويا سرَّ الحياة ونورها

يا منبعَ الإحسانِ في أزهى صوَرهْ

 

يا بلسمَ الأيامِ في وقتِ الأسى

ويا نَبضَ قلبي، بل ويا كلّ العُمرَه

 

علَّمتني الصبرَ الجميلَ بحلمِها

وغمرتني حبًّا، وعانقتِ العُذُرَه

 

ما ضرّني منها جَفا أو قسوةٌ

بل كانت الدفءَ، وطيّبَ العِشرَه

 

تمدّ لي يدَها إذا ما ضاقَ بي

دربٌ، وتدعو اللهَ في سترِ سَحرَه

 

زرعتْ لنا…

شيرزاد هواري

 

في أكنافِ الزمنِ الموحشِ،

حيثُ الحكاياتُ تنسجُها الأقدارُ بالخيطِ الشائكْ،

خرجتَ، يا عفرينيَّ، من صمتِ الجراحِ،

كالسنديانِ، سامقاً، لا تلينُ لهُ السواككْ.

 

لم تكنْ عابراً في الدروبِ،

بل كنتَ درباً، ونوراً، وسيراً على شوكِ الحقيقةِ،

زرعتَ في تربةِ الوجعِ حلماً،

وسقيتَهُ من نزفكَ صبرَ العتيقةِ.

 

فُصلتَ من الخدمةِ، لا من الكرامةِ،

طوردتَ كأنكَ تُشهرُ وجهاً من نورٍ على الظلمةِ،

سُجنتَ، فازدادتْ روحُك اتساعاً،

كأن الزنزانةَ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

ٱه يا قَلْبي كَم جَرَحَتْكَ القُلُوب

كَمْ لَقَيٍتَ السِهَامَ مَنْ كُنْتَ تَظِنَه ُمَحْبُوب

ٱه يا قَلْبي ظِلْم وَقَسْوَة

رَهَنُوا حُبًكَ بِقَالِبٍ مَقلُوب

ظَنَنتَ حُبَهُم نَقَاء

بَلْ كَانَ وَهْم مُرْمِي عَلى الدُرُوب

تَهْدِيدٌ وَجَهْلٌ وَخٌرَافَات

غَرُوا بِالمَظْهَرِ وَنَسُوا الجَوْهَر مَغْلُوب

********

ٱه يا قَلبْي سَلَبُوا فَرْحَتكَ

نَبْضكَ إحْسَاسكَ بِالنَظَرَات

كَانُوا وُعُوداً كَاذِبَةً

كَالرِيْح تَمُر في ظِلِ النَزَوَات

كَانُوا يَهِبُون السُمَ في الشَهْدِ

يَصْنَعُون البَرَاءَة في المَلَذَات

لَيْسَ العَيْب فِيْنا…

فواز عبدي

 

هكذا تحرقني شمسُ المغيبْ

لا بحر يُطفئها

ولا ظلّ الغريبْ.

وقفتُ وحدي عند نهرٍ

غازلتْ أمواجُه وجعي العتيقْ

يا أيّها الراينُ

أما شعرتَ

بلهيبِ قلبي

والصمت المهيبْ؟

أتدري؟

كنتُ أعرف نهراً قبلك

أصغر من همسك

أنقى من ندف الثلج في عيني طفل

كان اسمه “نقاره”

وكان يغني!

لكنه الآن فيك غرق

ابتلعتَ ضحكته

وملوحةَ خبزِ أمي

وصهيلَ صباحاتي الصغيرة.

 

سنةٌ

تلتها…

هند زيتوني| سوريا

إلى الشاعرة الإيرانية شيوا أرسطوني التي انتحرت يوم الأربعاء 7 مايو 2025

***

وأنتِ تلعقينَ جرحكِ كالذئبة الهرمة

وتنظِّفين فمَكَ من شفاهِ الفامبيرز

اتركي ندباتِ قلبك مكشوفةً

سيذوُّبها أسيدُ النسيان

حطِّمي مرآةَ الوجوهِ الآثمة

واهبطي من قطارِ القسوة

لملمي رمادَ حبِّك القديمِ في زجاجة

لترميها في قاع البحر

***

اغتسلي جيداً بوهجِ الصباح

ستخرجُ من جلدكِ رائحةُ حبيبك الخائن

الخيانة: ملحٌ نرشُّه فوق الجرحِ المفتوح كي…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحِبُك

اعْتَرف .. أنا أحَبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتيك…

عبدالجبار حبيب

 

اقطعْ يدَ الوقتِ،

ما عادَ في الوقتِ

وقتٌ للانتظارْ

ارفَعْ نداءَك

في مهرجانِ نفاقِ الكبارْ

قُلْها بصوتٍ حارق:

كفى!

ثرثرتمُ فوق ثرثرتكم ثرثرة

سرقتمُ حتى ألعابَ الصِّغار

ثمَّ تركتُمُ الشعبَ

يقتاتُ من لهفةِ الانتظارْ!

 

جعلتُمُ البلادَ حقيبةَ موتٍ،

تسقطُ فوقَ رؤوسِ الأوفياء

سرقتمُ الكلماتِ من الأفواه،

وبِعتُمُوها في سوقِ العُملاءِ.

صوتُ الجياعِ؟

تدوسونهُ،

تساومُونهُ

في مزاداتِ فسادكم

يا جبناء.

 

الدواءُ؟

وثيقةُ سجنٍ

بأختامِ “وزارةِ السُّمِّ”

والطبيبُ؟

موظّفُ بلا ضمير

عبدٌ للفواتيرِ،

لا يلتفتُ لأيِّ وجع

ولو جاء النفير

 

كأنَّ الوطنَ كَفَنٌ

نُغنّيهِ كي…

خالد إبراهيم

 

أنا لستُ واضحًا

لأن الوضوحَ خيانةٌ موقعةٌ بالحبرِ الرسمي

ولأني، حين كتبتُ أول جملةٍ

كانت دمشقُ تنزفُ من فمِ اللغة

وكانت القصيدةُ تتقيأُ جثثًا بحروفٍ من فوسفورٍ أبيض.

 

أنا لستُ واضحًا

فالوضوحُ خيانة

ولأن الذي كان يكتب التقارير في أول الثورة

هو اليوم جثةٌ بلا هويةٍ

في ساحلٍ لم يعد يعرف اسم البحر

ولا وجه الريح

 

أنا لا أكتب

أنا أقتصُّ من النحوِ كما يُقتصُّ من…

ماهين شيخاني

 

مقدمة:

في لحظة من الوحدة المضيئة، حين يتعانق الشوق مع القمر،

تولد هذه النصوص الثلاثة، التي تسعى، كلٌّ بطريقتها،

لرسم ملامح الرحلة بين الحلم والحب…

بين الألم وفرح النبض من جديد.

 

النص الأول:

وجه الروح ( ( 1

 

في الليالي المقمرة،

حين تسكنني الوحدةُ،

تنسلُّ ذراعي وتلامسُ القمر…

أداعبُه بشغفِ العاشق،

ونحلّق معًا في فضائنا اللامحدود،

دون موانع،

دون سياج.

 

تغمرني بقبلةٍ

تبعدُ عن كياني

كلَّ ألمٍ، كلَّ غربة،

وتُبهجُ روحي،

فترسو…

عبدالجابر حبيب

 

يا امرأةَ العصور،

أشرعُ نوافذَ العمرِ

للرِّيحِ، للشَّمسِ،

أغوصُ في التكوينِ،

أُقلِّبُ جنونَ الحكمةِ

في دفترِ الذكرياتِ.

 

 

منذ همسَ العشرينُ باسمكِ،

وأنا ألاحقُ خطاكِ

على عشبِ البيدر،

أرصفةِ المدينة،

وأحجارِ ممرِّ المغامرة.

رأيتكِ

تتفتَّحين بوردةٍ يُغْرِقُها الندى،

تشقِّين أضلاعَ الفجرِ بعطرِ الحُبِّ

للحياة… لصلاةٍ أبدية…

لنهارٍ جديد.

تمزجين ألوانَ القوس

في بوتقةِ رسّامٍ مهووس،

وتُذيبين فتنةَ الكونِ

في كؤوسٍ لا تهدأ زوابعُها.

 

 

حين اقتربتِ من أبوابِ الثلاثين،

تحوَّلتِ إلى طفلةٍ شقيّةٍ

تُبهجُ دموعُها قلوبَ العاشقين،

تُوقدين النيرانَ…